التصميم خارج الكوكب


هذه أول تدوينة بعد أكثر من نصف عام - تقريباً- مر دون كتابة أي شئ .. لذا أعتذر عن أي خطأ قادم بها، سواء كان لغوياً أو تضارب وتداخل للمواضيع، فها هى الأحرف والكلمات تسقط من رأسي على الحاسوب بعد عناء شديد من أجل كتابة أي شئ !!

شئ أخير أود التنويه عنه قبل البدء : ربما أكتب كلاماً مبهماً أو تكون هناك بعض التفاصيل الناقصة بقصد أو دون قصد وذلك من أجل ... و من هنا نبدأ

إلى أرض المجهول

ذهبت في رحلة إجبارية مع بعض المغامرين المجهولين في أرضاً لم يطئها أياً منا من قبل .. كل مرة نذهب لمكان مختلف نحاول التأقلم معه وبالفعل نتأقلم مهما كانت الصعاب ، لدرجة تجعلني أحاول البقاء في هذا المكان أو أي مكان بالقرب منه من أجل التأقلم والاستقرار .. أقابل الكثير من أهل المنطقة ، الكثيرين منهم يحاولون إستضافتي ؛ فكونى "مصمم" وسريع الكتابة .. إلخ يزداد الطلب على وعلى منهم مثلى مهما كانت خبراتهم. لكن المحطة الأخيرة تحطم كل آمالهم وآمالي من قبلهم ، فأرضى الأخيرة مرعبة بعض الشئ بالنسبة لهم .

أراضي إستقبال خاوية من التكنولوجيا

قبيل وبعد الذهاب لمحطتى الأخيرة كانت هناك الكثير من الطرق التى تتيح لى الإستقرار ، لكنها لم تكن من ضمن مخططاتي ، فأنا أحاول تطوير قدراتى المحدودة في التصميم أو على الأقل الإحتفاظ بها ، بمعنى آخر أحتاج لمكان يحتوى على حاسوب من أجل ذلك ، وبالطبع سيكون هذا بمقابل ، والمقابل هنا " مجهودي " النفسي والجسدي .

مكان مناسب وإمكانيات غير مناسبة

بعد عدة محاولات وجدت المكان المناسب ، طلب منى إختباراً لدخوله؛ كان شئ لم أفكر به من قبل لكن رغم ذلك كان بالإختبار اليسير ، تعرضت للكثير من المحاولات لإبعادي عن هذا المكان وباءت جميعها بالفشل وبقيت به، الأيام الأولى لى لم يكن بها الكثير من العمل ، لكن رغم ذلك لم يكن -العمل- مرتبط بالتصميم ، حتى بدأت بتجريب الجهاز وما أن حاولت شعرت بأنه سينفجر في وجهي ، رغم قدم نسخة الفوتوشوب الموجودة عليه فهو لا يتحملها ولا يتحمل غيرها.. وهذا هو المعتاد !!
مع مرور الأيام حاولت التخفيف من معاناة الجهاز ، جلبت قرص صلب - هارد ديسك - من جهاز قديم ، قمت بتركيبه ومن قبله قمت بحذف بعض الملفات ، حاولت تزويد الـ" رامات " وباءت محاولاتي بالفشل .. لذا استغنيت عن بعض من الموجود سابقاً ( لك أن تتخيل جهاز بحجم 80 جيجا و 2 جيجا رام .. كيف تكون قدراته تحت ضغط العمل ) ، تحسن الجهاز قليلاً بعد إستخدام برنامج معين ... وبقيت الفيروسات كما هى - فيروسات بجميع اشكالها - لكن الجهاز تحسن قليلاً واستطعت العمل على الفوتوشوب ( شكراً لجهازى القديم في مساعدتي على تحمل المعاناة ).

أنت والفوتوشوب ولا شئ آخر

في تصميمك أنت تحتاج الكثير من الأشياء التي تساعدك في العمل ، مثلاً أنا أحب مشاهدة أعمال الآخرين من أجل الإلهام واستحضار تصميم جديد، وفي هذا المكان لا يوجد إنترنت، لا يوجد أي شئ ملهم سواك، لا يوجد ملحقات لا توجد خامات .. إلخ . الموضوع يبدو صعباً نوعاً ما عندما تنقصك مثل هذه الأشياء ، مثلاً لم أجد texture جديد أو حتى قديم ، اضطررت لأخذه من سماء في صورة أو رمال أو قطعة حديد أو صخرة..إلخ كل ما عليك فعله أن تبحث في أدق التفاصيل بأي صورة لم تلتقط من أجل ذلك أساساً !!
من كثرة ما عانيت تمنيت أخذ جهازي المحمول معي ، وبما أن هذا مستحيل أخذت ما أستطيع حمله من خطوط و texture وتصاميمي القديمة (ربما تذكرني بشئ) وإطارات.. هذه الأخيرة أخذتها كصور كوني كنت أستخدمها على برنامج Illustrator وأقوم بتفريغها لإستخدامها لاحقاً.

جرائم مجهولة المصدر

مع مرور الأيام بدأت بالتجول - مرة أخرى - داخل الجهاز .. لأكتشف أشياء لم تخطر لي على بال؛ كلما مررت على ملف قديم مختص بالتصميم لاستيعاب ماهية العمل يجعلني أخرج عن شعوري أكثر لدرجة تجعلني أسب وألعن من قام بذلك ، فشخص يصمم على برنامج "الرسام - Paint " المرفق مع نظام الويندوز ، والآخر يصمم على برنامج "الوورد" والذي أعتبره أهون علي من مصمم "البوربوينت - PowerPoint " وذلك لما سيسببه من مشاكل مستقبلية بالنسبة لي ...

مينا موحد الحزمتين

وأخيراً وجدت مصمم على الفوتووووووووشوب ترك إرثه بكل فخراً لمن بعده وهو مرتاح نفسياً عما فعل - والله أعلم - وعلى ما يبدو أنه كان خبيراً وسط المحيطين به على الأقل ، فما تبينته من "تصاميمه" أنه لم يكن هناك أحد معه وقتها يعرف معنى كلمة "تصميم" ، ودليلاً على ذلك أنه كان يعمل على كل ما سبق ذكره " الوورد ، البوربوينت .." ثم ينقله إلى الفوتوشوب كـ(صور) !! حقيقة لا أمانع أن ينقل الصور أو الأشكال أو الرسومات الموجودة على هذه البرامج إلى الفوتوشوب لإستخدامها في تصميمه ، لكن ما استغربته إعداده للعمل ككل عليها ونقله - ككل - كصورة كاملة للفوتوشوب بما بها من نصوص وخطوط وأشكال ..إلخ . اندهشت إن لم أكن انفعلت من أفعاله هذه ( والتي اكتشفت سببها لاحقاً مع مرور الأيام ) لكن حتى الآن لم أجد سبباً مقنعاً لحفظه لكل تعديل في نفس العمل كملف PSD منفصل!! والأغرب حفظه للصور الثابتة (كصورة شخصية دون أي تعديل) كملف PSD أيضاً !!
كانت كل هذه الملفات مفتوحة المصدر PSD - إن كان يصح أن يطلق عليها ذلك - من أكبر أسباب تدهور حالة الجهاز ؛ ولعدم استيعاب ممن جاءوا بعد موحد الحزمتين لبرنامج الفوتوشوب بصفة عامة وملفاته بصفة خاصة ، لم يقترب منها أحد لا لحذفها أو رؤية ما بها حتى !!

على خطى الأجداد

مع مرور الأيام وقعت تحت ضغط العمل ؛ ومن هنا اكتشفت سبب إقدام "مينا" على إرتكاب هذه الجريمة الشنعاء . في عملك العادي عندما يطلب منك عميل تصميم 10 "بنرات" مثلاً ستحدد له وقت تقريبي للإنتهاء منها، ولنقل مثلاً أسبوع أو شهر.. أياً كان عدد الأيام المناسبة لك، لكن أن يحدد لك العميل وقتاً للإنتهاء منها، فهذا سيضعك في محل شك وتحت ضغط ، حتى وإن كانت نفس المدة التي كنت ستحددها بنفسك !!
هذا في عملك العادي (والذي تستطيع به القبول أو الرفض) ، لكن ماذا عن من هو خارج (إطار العمل) خارج الكوكب مثلاً!! وطلب منك تصميم أكثر من 25 بنر بمواصفات والوان ومقاسات مختلفة في ظرف يومين أو يوم، لتأخذ الصدمة : في ظرف 3 ساعات !!

قبل أن تتعب نفسك بالتفكير ، أود تذكيرك أنك خارج الكوكب ، لا يمكنك أن تضع شروطك ، يمكنك أن توضح فقط (وللتوضيح عواقب وخيمة) .
ما كان مني إلا إحسان التصرف وقتها وليس إحسان التفكير - والذي سيأخذ مني أكثر من 3 ساعات لأخرج من دائرته فقط - ندمت صراحة على عدم إخراجي للعمل بشكل جيد ، وأضطررت لنقل صور - بعد إلتقاطها - من برامج مثل الوورد والبوربوينت - كما فعل الأجداد - إلى الفوتوشوب تمهيداً لتغيير مقاسها وبعض التعديلات الطفيفة والتي لا يكفيها الوقت حتى!!
وكأن التاريخ يعيد نفسه، نالوا مني السباب ونلت منهم أساليب الإنجاز، شئ لا أسامح نفسي للإقدام عليه ، فمحاولاتي مازالت مستمرة لإصلاحه حتى بعد طباعة العمل والإنتهاء منه ، فقط لأصحح خطأي وخطأهم إن لم أبرر ما فعلناها للأحفاد ، وتسهيلاً عليهم أيضاً بل إسعافاً لهم في أوقات حرجة سيمرون بها .
 

خطوات نحو الأفضل ولو حبواً

بعد أيام وربما شهور وجدت بعض الوقت لتحقيق هدفي المنشود - وهو التصميم - ليس تطويراً بل إحتفاظاً بما لدي ، فلا مجال للتطوير وسط كل هذا الركام . حاولت تصميم شئ يأخذ الكثير من الوقت لإعداده إلكترونياً ويدوياً ، فكانت فرصة لتحقيق كلا الهدفين : (التصميم ، توفير الوقت) ، وبما أن لكل شئ مقاس وتصميم في مكاننا هذا فقد لاقيت القليل من التعب ، فمرة أقوم لأخذ مقاس ومرة أجلس لتصميمه.. وهكذا دواليك. وبما أن العمل لم يُطلب مني فقد أخرجته بالشكل المطلوب وعرضته على بعض الأشخاص ، ونال إعجاب كبيرهم ويا ليته لم ينال إعجابه!!
فقد تحول العمل من عمل شبه تطوعي إلى عمل شبه إجباري ، تعديلات ثم تعديلات ثم تعديلات غريبة ، ثم تعديلات تخرجني عن شعوري وتجعلني أندم على ذلك.. ثم أحذف هذه الخطوط:

محاولاتي باءت بالفشل لتوضيح أهمية هذه "الخطوط" أو المسطرة أو .. "هذه من أجل التنسيق من أجل المقاسات من أجل من أجل (لا تحاول) أنظر (Ctrl+H) أختفت ... الموضوع أسهل مما يكون.. لقد حذفتها تماماً، لم يعد لها وجود في الوجود!!.."

رحلة سريعة إلى كوكب الأرض

في إحدى الأيام ذهبت لطباعة بعض التصاميم ، لست الموكل بطباعتها بالتحديد ، بل ذاهب من أجل اي ظرف طارق أو تغيير أو تعديل بها ، كنت منتظر بالخارج حتى يتم الإتفاق ، أثناء خروجه سمعته يتمتم ببعض مبالغ التصميم -بينه وبين نفسه- قبلها سألني مراراً وتكراراً عن إن كنت نسيت شئ في التصميم أو إن كانت هناك أية أخطاء فأرد بالنفي، لكن فور إن سمعته يعيد المبلغ على مسامعه، أضطررت للدخول دون إذن - وأحمد الله على ذلك - فإذا بالمصمم أو الموظف أو صاحب المطبعة -أياً كان- يحاول التعديل على التصميم ، صدمت وخرجت من الصدمة بصدمة أخرى عندما قام بسحب "الصورة" إلى الفوتوشوب للتعديل عليها!!
وقفت برهة استوعب ما يحدث، ربما تكون عيني تعودت فقط على ما بخارج الكوكب وأظلم الرجل.. لكنه استمر، وإذا به يحاول تعديل مقاس لإطارات (من داخل الصورة نفسها)!!
انطلق لساني دون إذن: (إنت بتعمل إييييييييه؟؟؟) ، بعد سهر وإرهاق من أجل إخراج التصميم في شكله المطلوب بمقاساته وألوانه كملف PSD لا يخلو من شئ  لا يمكن تحريره ، يحدث هذا في مكان كهذا وبكل هذه البساطة !! أخبرته أن هناك ملف PSD وأخبرته كم عانيت من أجل هذه اللحظة .. واخليت مسئوليتي من الموضوع تماماً وعدم تحملي لأي تكاليف من المحتمل أن يتسبب في تحميلها لي.
( يبدو أن معشر المصممين موجودين على الشبكة العنكبوتية فقط )