لا فضل لك عليه مادمت تلك وظيفتك


أمر تكرر كثيراً عندما كنت بالمدرسة ومازال يتكرر بالجامعة..لكن مايهمني في ذلك الآن هو المدرسة وذلك المدرس الذي دائماً مايفتخر أمامنا بإنه تخرج من تحت يديه أجيال وأجيال..أجيال تطبب وأجيال تؤسس وأجيال تعمر..وأجيال ورا أجيال..هنعيش على حلمنا :/
المدرس يحلم ويريدنا أن نحلم معه حتى ينتهي الدرس ولا يشرحه ونضيع نحن بعدها
وهنا نقطة هامة يجب التركيز عليها..ذلك الطبيب أو المهندس أو رجل الأعمال الذي غالباً مايتحدث عنه المدرس وأنه من أسسه كما يشير بكلامه أنه صاحب فضل عليه ولولاه لما كان في ذلك المكان..ذلك الرجل هو رجل واحد عادة أو أثنين نجحوا لظروفهم الخاصة وإن كان المدرس يرى أن له فضل عليه فهذا يعد إنتقاص من نفسه..
لماذا؟ لأنك كما ذكرت تتحدث عن شخص واحد بإشارة إليه وعن مجهولين بصفة الجمع..أي أنك جعلت أحدهم ينجح وباقي تلاميذك لم تستطع أن توصلهم لشئ..
هذا إن أوصلت أحدهم من الأساس..فصاحب الفضل لا يدعي الفضل ولا يقول فعل لإني فعلت..
فصاحبنا الذي غالباً ماتتحدث عنه لم تدرس له كل المواد وربما تكون مادتك لا يحبها بسببك وبسبب إفتخاراتك تلك..كذلك لم تدرس له طوال السنين..ومثله مثل باقي زملائه فهو ليس البصير الوحيد في أرض العميان..فلا يعقل أن يكون جميع زملائه-تلاميذك- أغبياء وهو الذكي الوحيد بهم ويسبقه أغبياء ويليه أغبياء..
حتى أني أرى البعض عادة يفتخرون بإنه تخرج من تحت إيديهم رجال أعمال..لا أعلم مادخل رجال الأعمال هنا بالدراسة خاصة وأن غالبيتهم -ربما- لم يوفقوا في دراستهم وتعبوا في الحياة حتى وصلوا إلى ما هم عليه الآن..هل هى التربية مثلاً إن كانت التربية فبالتأكيد هم الآن لا شئ يفعلونه سوى الإفتخار كما فعل مدرسيهم..
والغريب أن المدرس يظن نفسه سقراط زمانه أو أنه أحد معلمي العصر الرشيد..فهنا مشكلة وهى أن المدرس موظف دخل جامعته لإنه لم يحصل على درجة كليات القمة التي يتحدث عن أفرادها..سيقول لي أحدهم هو لم يستطع لذلك يريد أن يصحح خطأه في تلاميذه!!
أنا هنا لا أتحدث عن كون المدرس لا فائدة منه ولا أتحدث عن المدرسين بصفه عامة بل عن فئة محددة وهو من لا يفعل شئ ويفتخر بأحدهم مر من تحت يديه كما مر من تحت أيدي العشرات غيره وأصبح شئ
المدرس وظيفه..أي أن هذا واجبه, يخرج أجيال تبني المجتمع وتعيده إلى أمجاده..وليس له حق الإفتخار وإضاعة الوقت أمام تلاميذ لا يفقهون منه شئ حتى إذا حصلو على أقل الدرجات في مادته نعتهم بالغباء ومدح تلميذ وحيد والذي غالباً له ظروفه الخاصة ومجبر على المدرس الذي أمامه حتى ينتهي عامه أو ينهي مدرسته ليصبح شئ..ليأتي صاحبنا ويقول هاهو أصبح شئ بسببي
مشكلة مجتمعنا أنه يمجد في من يؤدي وظيفته وكأنه يفعل شئ من نفسه ولإجل الله ليصبح اللاشئ هو الوظيفة..وعندما يفكر اللاشئ في أن يفعل شئ يظن أنه فعله تكرماً ومناً منه وله الفضل على الباقي في ذلك..رغم أن هذه وظيفته ولا حق له بالإفتخار مادام لم يأتي بجديد يذكر أو يفعل أكثر مما طلب منه...هذا ليس فقط مع المدرس بل مع كل موظف له واجباته التي عليه أن يؤديها أولاً قبل أن ينشر فضله علينا...