سنة كيوم، ويوم كساعة!!
استيقظت من النوم ليلا مفزوعا، فالمكان يحيطه الظلام أكاد أتبين ما به لكنني واثق تمام الثقة أني في مكان غريب؛ فالأصوات المحيطه لم أعتاداها والجو المحيط لم أألفه، بعدها انتبهت لسبب وجودي هنا وأني قد جئت بالأمس بمحض إرادتي لكن التعب أهلكني فغرقت في النوم،
وتغير برنامج نومي تماما فالصباح أصبح صباح كالبشر والليل أصبح ليل للنوم، يا للحسرة مجهود السنين في التدرب على حياة الخفافيش يصبح رمادا أمام عيني،
قطع تفكيري آذان قريب مددت يدي للهاتف لأعرف كم الوقت والذي وضعني في حيرة من أمري - فلا هو وقت صلاة العشاء ولا هو وقت صلاة الفجر - الشيطان وسوس لي( أنهم يتبعون دينا جديدا) قبل أن يكمل كنت أنا في ثبات عميق،
مره أخرى الآذان يؤذن لكنه يناسب وقت آذان الفجر الآن فقط سأصلي، نهضت من الفراش لأتوضئ.. مر وقت طويل ظننت بعده أنهم أقاموا الصلاة وصلوا وانتهوا، ذهبت لأتبين..
المنزل الذي أقيم به طويل بعض الشئ حتى وصلت لشرفته الأولى هذا ما عرفته حتى الآن، لكن ماصدمني حقا أني... تبا لم أعد أسكن في الدور الأول أو الثاني.. لا لا لا يجب أن ألقي نفسي من هنا حالا.. كيف صعدت كل هذا، انه الدور السادس أو السابع لا بل ال..
.. مره أخرى أسمع الآذان!! لكن أين المسجد.. صوت من اليسار يقطعه صوت من اليمين يتداخل معهم صوتين من مكان بعيد... نعم نعم أعرف لكن أين أنتم، سانزل والأمر الله سأتبع صوت أي إمام حتى أصل وإص... صوت يقطع تفكيري لكن هذه المره صوت مذموم وليس محمود ابدا.. انه نباح كلاب.. اليوم فقط إكتشفت أني أستطيع فهم لغتهم ينبحون في صوت واحد ( لو راجل انزل لو راجل انزل لو راج.. ) صراحة أنا لا أخاف من الكلاب، لكن هذه مظاهرة تطالبني بالتنحي عن نزولي، الكلاب غلبت الشياطين في منعي عن النزول للصلاة.. فهذه ليست مجموعة كلاب بل مزرعة كلاب.. ثم أني مازلت مراهق..(السلام عليكم ورح.. ) الحمد لله الشيخ وضع حد فاصل وحكم بيننا، سأصلي هنا، نظرت مره أخرى لأسفل وقلت لهم( لو رجالة اطلعو... ل.. )
الجرس يرن.. أقسم أني كنت أمزح.. ليس بهذه السرعة فأنا لم أكمل كلامي، الجرس يرن مره أخرى يبدو أنهم سيتشاوروا معي فصعودهم للجرس دليل على تعاملهم الآدمي.. الباب يدق وقلبي يدق المنزل كله يدق؛ هذه أول مره أسمع بها الجرس ويبدو أنها آخر مره، مسكت المقبض وفتحت فتحة صغيرة ممسكا اياه استعدادا لإرجاعه مكانه كحائط ( مسا.. صباح الخيرر... ) لا اعلم أي صباح هذا فيبدو أنهم أرسلوا جنيه بدلا من صعودهم( انت الساكن الجديد؟ ) بالطبع أجبتها بنعم وكيف لي أن أقول لا وأنا بداخل المنزل ( لو سمحت ممكن تقفل الماتور - المسؤل عن سحب المياه - لإنه شغال من بدري ) هذه هى أمرأة الماتور لا تفعل ولن تفعل أي شئ طوال تواجدي سوى هذا،
ما تشاهده في التلفاز عن الجار الجديد وباقي جيرانه عكس الواقع تماما، فهى لن تقول يوما "مسكين هذا المراهق يعيش على المعلبات والوجبات السريعة سأذيقه من يدي ليدعوا لي بطيب خاطر"، دعك من كل هذا الكلام الفارغ فجارك ليس جمعية خيرية تعطف وتشفق عليك، سنة تمر ولم أرى أحد من الجيران حتى أنني ظننت أني وحيد في المسكن وهذه المرأة مجرد شبح، فكما ذكرت لا تاتي سوى لهذا، مره في الساعة الثانية صباحا ومره في صلاة الفجر ومره وقت الظهيرة، المشكلة انها كانت ككائن متحول كل مره يكون شكلها مختلف، حتى أني أخذت قرار بإن اواجههم جميعا أواجهها جميعا أواجهها فقط.. وأمتنعت عن فتح الباب مره أخرى، فلست سباك!! قطعوا عني المياه بسبب هذا!!
باقي يومي أقصد باقي سنتي، بعد الصلاة أقرأ ورد من القرآن - ليتني أعود يوما - أنزل لإحضار الفطار وأتمنى عدم الصعود فالسلالم طويلة وتهلكك وكأني أسكن في الدور العشرون والمشكلة لا يوجد مصعد، انتظر حتى الوقت المحدد، أنزل مره أخرى لما جئت من أجله متنقلا بين المواصلات والبشر، أعود في نفس المواصلات ونفس الطريق على صلاة العصر، أحضر الغذاء قبل الصعود - يجب أن أخبركم أنه من أسوء الأطعمه التي ستأكولنها - عادة ما يكون معلبات أو وجبات جاهزه وتلك الأخيرة كنت كل فترة أستبدل المطعم أو نوع الطعام علي أجد شئ يستحق أن أطلق عليه طعام..
أصعد بين نظرات غريبة من أناس لا أعرفهم توحي لك بإنهم يخافونك أو يشكون بك، بعد الدخول أقوم باللازم من استحمام وصلاة وفترة راحة تسبقهمها بسبب السلم، أتناول الطعام، أقرأ بعض الكتب، ألخص البعض الآخر - فقد كانت ميزة بي- أقوم بتأليف بعض القصائد، المغرب يؤذن، أنزل للصلاة وبعدها أصعد مره أخرى ولا تستغرب إن قلت لك عند فتحي الباب ربما أسمع آذان العشاء المهم أنها كثيرا ماكانت تضيع علي بالمسجد.. يأتيني عادة اتصال بعدها ، أحاول النوم مستمعا لما يقال بالراديو، استيقظ على صوت الراديو مره أخرى، يتكرر نفس اليوم بنفس تفاصيله بنفس حركاته مادام يضيع نصفه فيما اذهب اليه، عدى بعض الاشياء التي ربما تحدث وتميز يوميا عن يوم، لكن في الأول والأخير كانوا يوم واحد، سنة كيوم ويوم كساعة.
فقد كنت في خلال تلك الفترة شبه منقطع عن الإنتزنت، وبالطبع ليس هناك تلفاز وإن وجد فأنا لا أستمع له لذا لم أكن في حاجة له بعكس باقي الأشياء التي كنت أخشى وجودها رغم حاجتي لها..
لم تكن الوحدة بهذا السوء مع شخص مثلي - لا تعرف إن كان أنطوائي أم إجتماعي - لكنها حقا ربما تقتل أحد غيري، فاليوم يمر سريعا سريعا تكاد لا تشعر به يأتي توأمه ليكمل مابدأه السابق.. لكنهم يمتازون بشئ تكاد تجهله يجعلك تقول لا بأس.. إن كان هذا يوم أو عام
إرسال تعليق