ما أستفدته من التعامل التجاري مع الناس..عندما كنت صغير



أن تعمل في مؤسسة حكومية بعمل روتيني ممل، ترى نفس الأشخاص كل يوم وتقوم بنفس الأعمال المطلوبة منك، فهو بالتأكيد قد يجعلك تفكر في ترك العمل والتوجه إلى..العمل بشكل خاص، التجارة ربما!!
وكأنك كنت في النار وتذهب للنعيم، متناسياً أن لكل شئ سلبياته وإيجابياته، خاصة التجارة بقاعدتها "المكسب والخسارة".

في الأعوام السابقة عندما كنت في سن المراهقة تحديداً، كنت أعمل مع أخوتي على فترات متباعدة وأماكن متقاربة، أعمال شبه تجارية، تعلمت بها الكثير على حساب نفسي..ومنها:
1-العميل ليس على حق: بعكس ما تقول الجملة العامية "الزبون دائماً على حق" فهو ليس كذلك، هذه الجملة وضعت تحديداً من أجل المكسب، نعم كما قرأتها..إن كنت تريد الربح والمكسب فأعمل بها، وبالتأكيد هذا ما تريده!! إن جاء إليك العميل يوماً طالباً منك شئ لا يحتاجه فخذ منه المال وسلمه ما يريد، دون أن تتحدث دون أن تفكر في أن تعطيه رأيك، أياً كان العمل..مادمت تريد المكسب.

2-خذ عهداً مع العميل: في الحالة السابقة فقط كل ما عليك أن تنطق به، أن تبلغه إنه إن خرج من المكان بالبضاعة فعليه أن لا يرجع بها مرة أخرى!! بطريقة غير مباشرة..لإنها شكوك في محلها، سيعود لا محالة محاولاً إرجاعها وأخذ ماله، وليتها تعود كما خرجت، ستعود لك بأي شئ يخرج عن نطاق الضمان مع إعتذار جاف -هذا إن حدث- رغم عدم إحتياجه لها في الأساس، لذا عليك أن توضح له مدى الأضرار التي ستلحق بك لمجرد إختيار عشوائي منه.

3-العميل المجاني أسوء من المشتري: قد تظن أن المشتري هو الوحيد الذي يتحكم بك "بسبب ماله" ، إذاً أنت لم تجرب التجارة بعد أو التعامل مع الناس بشكل يجعلك تستوعب أن هناك ما يدعى بالعميل المجاني!! هذا الأخير ربما يدخل مقر عملك ويريدك أن تهتم به قبل أي شخص آخر، يريد منتجه المجاني في أفضل حال وأسرع وقت، ربما يستعطفك في البداية، لكن ما إن تفكر في إهماله سيقل من سمعتك بداخل وخارج المكان، سيهينك لا محالة.

4-لا تعرف "المعارف" داخل عملك: وجود مقر عملك بعيداً عن كل من تعرفهم ربما يكون في صالحك بالكثير من الأوقات، المعارف مختفلون تماماً بالداخل -داخل عملك- عن الخارج، وجود شخص لا يفيدك إطلاقاً ويشغلك عن عملائك في مقر عملك سيسبب لك الكثير من المشاكل ، (مكان العمل للعمل..وليس للأحبة) ما الذي يدعو شخص ليقابلك في مكان عملك ولا يقابلك خارجه إن كان لديك متسع من الوقت!! نادراً ما ستجد ذلك الشخص الذي يقطع كلامه فور دخول عميل، ويمنع سؤاله عن أشياء لا دخل له بها، ويكون زائر اللحظة -فلا يطيل- وليس زائر الغفلة.
الأقارب/المعارف ربما يظنون أنك ستقدم لهم الشئ بأرخص سعر وأسرع وقت، ربما يكونون أسوء من العميل المجاني، إن لم يكونوا عملاء مجانيين في الأساس، محاولة أن توضح لهم أن الجميع على حد سواء هى محاولة فاشلة، ومثل هذه المحاولات ربما تقطع صلتك بهم (يجب أن تفرح لذلك).

5-النساء يتعاملون معك كتاجر خضار: هناك خاصية لدى النساء تدعى "الفصال" إنتقلت فيما بعد للرجال عن طريق فيروس مجهول لا أحد يعرف دواء له إلا القليل، أعراض هذا الفيروس كثيرة منها (نطق أكثر من 100 كلمة في الدقيقة، ما يسمع بالإذن اليمنى يخرج من اليسرى، عدم التفاهم، رؤية ضبابية لأي بائع تخيل إليك أنه خُضري..إلخ) تدخل إليك المرأة منهم -أو الرجل- وتريد ان تبخس بسعر الشئ، خصم 50% على أقل القليل، معزورين فهم يتعاملون مع تاجر الخضار يومياً والطماطم وأخواته لا سعر ثابت لهم، لذا عليك أن تكون تاجر خضار حقيقي، أما أن تأتي ببعض الخضار وتبيعه أو ترفع السعر لهم بعكس السعر الذي تقوله لباقي العملاء -لا أقول لك خذ منهم المال..فصدقني لن تأخذه أيضاً- ما هو بـ100 أجعله بـ148 ستجدها تحدد سعرها بـ108 وتخبرك أن هذا حل وسط!! وعندما توافق على سعرها ستعطيك 100 فقط -وهو سعرك- والباقي لحمادة إبنها.

6-الأشياء الرخيصة مكسبها أضعاف الثمينة: لا أقول لك الأشياء الرديئة بل قليلة الثمن مقابل منتج آخر، لا تتفاجئ عندما أخبرك أن من الممكن ربح 10 جنيهات من نفس المائة التي تربح منها جنيه واحد، فالأول لأشياء رخيصة مقابل شئ واحد بنفس السعر، ينضم إليها وبقوة "الأشياء المستعملة والمستوردة" فبإمكانك ربح ما تريد منها دون سعر محدد كما هو الحال في الأشياء الجديدة.
وإختصاراً (10 قطع بـ100 جنيه=10 جنيه ربح، بينما قطعة واحدة جديدة بـ100 جنيه= 1 جنيه ربح ، أما قطعة واحدة مستعملة بـ100 جنيه= +10 ربح )

7-لا تقلق..ستخسر لا محالة: التفكير في الخسارة سيقربها منك، بعكس أن تجد حلول لها لتتجنبها أو تحد منها، وكما ذكرت سابقاً (تجارة تعني مكسب وخسارة) ، نعم توجد أشياء خسارتها بسيطة، لكن ظرف طارق ربما يجعلك تخسر كل شئ، لذا خذ إحتياطاتك، وتعلم من خسارتك بدلاً من الحزن منها.
أذكر أني كنت أخشى "الأموال المزورة" كثيراً رغم إن لم تأتيني، فكنت أنظر أحياناً للجنيه قبل المائة -رغم أن سعر طباعته سيكلفه أكثر من ثمنه- حتى جاء ذات يوم شخص لم أراه -لكثرة العملاء- وأشترى شئ وخرج تاركاً ورقة مزورة فئة 100 جنيه بعد إن قام بتصحيحها..وقتها ندمت كثيراً وكدت أتسبب في مشاكل أكثر خارج مكان العمل من أجل سبب كهذا!!
بعدها مررت بنفس الموقف وتفاديته دون أي خسارة..بسبب أخذ الإحتياطات مهما كانت الظروف.

8-العملاء ليسوا أغبياء بقدر ما هم جهلاء: كل يوم ستجد الكثير من الأغبياء خاصة يوم الثلاثاء، إن فكرت قليلاً ستجد أن سبب من أسباب رؤيتك لهم كذلك -كأغبياء- هو أنك تعرف أكثر مما يعرفون، يخيل إليك أن كل ما لديك من معلومات لديهم، لذا سؤالهم عن أبسط شئ تعرفه وعدم إستيعابهم لإجابتك سيجعلك تردد "ما هذا الغباء" فيجب أن تنتبه لهذه النقطة جيداً وتحاول تبسيط الأمور لهم فهؤلاء ليس أغبياء!! الأغبياء حقاً موجودين كعملاء آخرين..سأطيل إن تحدثت عنهم.


لم أجد صورة مناسبة..لذا أخترت هذه