يوميات إنسان من العصر الحجري (4): مجمع الطعام

يوميات إنسان من العصر الحجري (4): مجمع الطعام



كلما كان الحصول على الطعام سهلاً، كلما ظهرت مشاكل أكثر بسببه أو حتى به، ستجد الابن يزمجر فقط لتكرار نفس النوع خلال يومين، رغم عدم وقوفه ولو للحظة مع أمه في المطبخ أمام حرارة الموقد، ستجد تلك الفتاة تسخر أمام زوجها من طريقة تقطيع الشيف لشرائح البطاطس، ستجد ذلك المجند يشكو من قلة الطعام وانعدام طعمه رغم أن سرفيس الطعام يكاد يمتلئ من كثرة الطعام اللذيذ.. دعنا من المزاح ولندخل في صلب الموضوع.

إلى جانب مجمع التمريض وعلى بعد أمتار منه من الجانب الآخر، يوجد مجمع الطعام وهو المصدر الأساسي لغالبية المستلزمات -الملابس وأدوات النظافة الشخصية..إلخ مما ذكر في مجمع التمريض- وليس الطعام فقط.

المواعيد والأنواع

يقدم الطعام في ثلاثة أوقات وهي:
  • وجبة الإفطار: وتكون في السادسة صباحاً؛ وتحتوي في العادة على (عدس أو حمص) و(تقاطيع خضار) و(عسل أو مربى) وزبدة وخبز، وعصير ولبن وزبادي، ومشروب ومياه، وأحياناً فاكهة أو حلويات.
  • وجبة الغداء: في الثانية عشرة ظهراً؛ وهي عبارة عن (أرز أو مكرونة) مع نوع من اللحوم (فراخ أو سمك أو لحم) وفاكهة وسلطة، وزبادي، ومياه ومشروب.
  • وجبة العشاء: في السادسة مَسَاءَا؛ تكون شبيهة لوجبة الغداء بالإضافة لنوع من الحساء -شربة عدس أو سي فود أو بليلة- وبدون مشروب، مع اللبن المالح.

أنواع الصفوف

قبيل تلك الأوقات ستشاهد أكثر من طابور في انتظار الوجبات، في البداية كانت هناك حوالي 4 طوابير ملتفة حول الغرف التي تحيط بالمجمع بسبب العدد الكبير، فهناك فقط مجمعين للطعام يخدمون قرابة 2000 شخص، ولكن لسوء استعمال بعض المرضى “المستذكين” لنقطة تقاطع الصفوف أو الطوابير تم الاقتصار على ثلاثة صفوف فقط، وهي:
  1. الطابور العادي: أو الـNormal وهو الاسم الشائع، وهي الوجبات الأشهر لغالبية المرضى هنا
  2. طابور Sugar: وهو الاسم المتداول لمرضى السكري -ولا يوجد مسمى غيره- وهو صف قصير نوعاً ما يحتوي على كبار السن وبعض الشباب المرضى وغير المرضى ممن يملون من الوقوف في الطابور العادي.
  3. طابور Vegetarians: وهو طابور الأكل النباتي، لم أكن أتوقع أن يتواجد هناك، وفي العادة يختلط مع الطابور العادي، فالموزعون دائماً ما يسألونك عن إن كنت Vegetarians أو Normal.
  4. سمعت عن وجبتين أحدهما كانت للهنود والباكستانيين والأخرى كانت للدايت، أعتقد أني أكلت الأولى بالخطأ ذات يوم، لكن الثانية ربما يتم الخلط بينها وبين طعام النباتيين أو مرضى السكري.

مشاكل في صفوف الطعام

كما ذكرت سابقاً هناك نقطة التقاء الصفوف، في العادة يستذكى بعض المتأخرين ويزجون بأنفسهم بها وينسبون نفسهم لأي طابور في حال طلب منهم أحد الالتزام بالطابور، لذا تم إلغاء أحد الطوابير العادية وأصبح صف واحد بدلاً من صفين.

بعض الأشخاص -وهناك مجموعة معينة من بلد ما اشتهرت بذلك الفعل- يأخذون أكثر من وجبة أو يقفون في الطابور أكثر من مرة، لدرجة أن في أحد الأيام حُرم بعض المتأخرين من نصيبهم، وهو ما دعا إدارة المكان للالتزام فقط بالباركود الشخصي لكل مريض -وهو شريط يتم استلامه فور دخول المكان به بيانات المريض- وما اكتشفته لاحقاً أنه أصبح هناك فائض من الأكل بعد ذلك القرار.

هناك مياه ومشروبات في العادة تتواجد أثناء الوجبات وبعدها بشكل أكثر، وفي الغالب إن لم تتواجد في الوقت المناسب ربما لن تجدها؛ لأن نفس الأشخاص يذهبون أكثر من مرة أو حتى مرة واحدة في خلسة من الأمن ويحملون كل ما يستطيعون حمله من مياه ومشروبات، لدرجة أنك إن مررت بالصدفة على أحد الغرف ستجد لديهم أكثر من 20 زجاجة مياه و10 علب لبن و15 علبة عصير و30 فرشاة أسنان، وربما يصيبك العطش يوماً ولا تجد زجاجة واحدة وهو ما حدث معي مراراً.

عند دخول شخص في الصف وهو ليس مكانه، عادة يقوم نوع من الجنسيات بجلبة في المكان، حتى أني تبينت أنهم لا يقولون كلمات بل فقط يحدثون ضجيجاً بحيث ينتبه الأمن لهم، الأمر الذي قد يؤدي لإرهاق بعض المرضى، فالصوت يصلني على بعد أربع طرقات، وهو بمثابة منبه للطعام، فوقتها فقط تعرف أن الطعام جاء وأنه تم كشف بعض المتسللين!!

حقوق الصورة: pexels