إنجازاتك ليست على الورق

إنجازاتك ليست على الورق
 

نهاية كل عام وبداية عام جديد، أرى الكثير من المنشورات والتدوينات، التي تتحدث عن إنجازات العام المنصرم وأهداف العام الجديد، أفكر في كتابة إنجازاتي -ولو لنفسي- ولا أجد، أغض الطرف عن التفكير الطويل في ذلك شاغلاً نفسي بالتفكير في وضع أفكار وأهداف للعام الجديد، لكنني دوماً أتساءل لماذا سأفعل ذلك!!

الحقيقة أن تقسيمي للإستراتيجية السنوية بوضع أهداف لكل يوم لن تصلح، وذلك لأن كل يوم هناك أشياء جديدة نجهلها ونجهل كم من الوقت ستأخذ، والتي بمرور الوقت تصبح أهدافاً إجبارية علينا تنفيذها، لذا عندما نجد إننا انشغلنا بها عن أهدافنا التي كنا نطمح في تحقيقها، وهنا النقطة التي أريدها: هل نعتبر ما قدمنا عليه دون رغبة منا وقمنا بتحقيقه إنجازاً أم الإنجاز فقط هو ما أردناه في بداية العام أو خططنا لتنفيذه؟

العام الماضي، والذي لم يمر عليه يوم كامل لكننا اعتبرناه “ماضي” رغبة في المستقبل الباهر والمختلف الذي نطمح في الوصول إليه.. أتيحت لي فرصة رائعة يمكنني أن أفعل بها كل ما أريد دون حركة، نعم فمقابل الحصول على “وقت” يمكنني أن أفعل به ما أريد، خسرت القدرة على المشي لعدة أشهر، وكأنني أردت ذلك فعلاً!! فهل فعلت شيء بها؟ الجواب الأسهل: لا.

لا؛ لأن الجواب الأصعب يحتاج لعصر ذكريات هذا العام وتصنيف الأحداث إلى إنجازات وفشل… لذا إن كنت تريد الإحباط ستجد نفسك دوماً تتجه نحو عدم التفكير في الإنجازات التي حققتها، بينما إن كنت تريد جرعة من التشجيع الداخلي ستجد نفسك تسرد إنجازات تختلف قوتها عن قوة ما تقرأه وتشاهده من إنجازات الآخرين السنوية.

فمثلاً: أنت لم تقرأ المائة كتاب الذي وعدت نفسك “بالتخلص” من قراءتهم دوماً لتشعر بالإنجاز، لكنك في نفس الوقت خسرت/كسبت وزن كان يعيقك عن فعل أشياء أخرى دون حتى التفكير في ذلك، وهذا ما يعد من أكبر إنجازات الآخرين. لم تحصل على ألف مشترك على قناتك/موقعك/تطبيقك، لكنك في نفس الوقت كسبت أصدقاء حقيقيين دون أن تشعر.. وهكذا.

أما عن الأماني فأجعلها تأتي وحدها، فلا تعلم إن كان في أمنيتك خيراً أم شراً لك، ما دمت وضعتها دون خطة فربما لا تأتي وربما يأتي ما هو أفضل منها من يعلم!! فخلال العام الماضي تمنيت عدة أمنيات، منها أن أشتري سماعة وساعة لكنني لم أضع الخطة لأي منهم من توقيت محدد أو مال مجمع، وتمر الأيام وأجد نفسي أشتري السماعة التي أريدها وفي نفس الوقت حصلت على الساعة هدية. بعد ان كنت نسيت ذلك الأمر لفترة.

أيضاً هناك أمر آخر لاحظته بخصوص الأهداف السنوية وهو الملل، الملل الذي يحدث بعد حماس البدايات بسبب التكرار أو ضغط الشخص على نفسه بأشياء أكثر مما تتحمل، خاصة مع تأنيب الضمير عند عدم ممارسته أو تحقيقه لهدفه اليومي مما يحبطه أكثر ويجعله يتوقف عن باقي خطته ويخسر كل شيء. وكما ذكرت سابقاً فالأشياء الجديدة التي لم نضعها في الحسبان والتي تحدث كل يوم تكون السبب الأكبر في ذلك.

فقد يضع أحدهم الكثير من الأهداف لملئ الفراغ اليومي، لكن لم يفكر حتى في أنه لن يتفرغ لذلك إلا نادراً، كأن تضع خطة للكتابة يومياً، لكنك تفاجئ بعدها أن لديك متطلبات حياتية لها الأولوية في التنفيذ، ومناسبات و -العياذ بالله- أمراض قد تجعلك طريح الفراش، والكثير من الأولويات الأخرى التي تغنيك في بعض الأحيان عن أهدافك البسيطة التي تطمح في تحقيقها خلال العام.

ما أود قوله حقاً، أننا لسنا في مسابقة سنوية، حتى نُحبط عندما لا نجد أننا حققنا الكثير من أهدافنا التي وضعناها بداية كل عام، ولا يوجد رقيب على تلك الأهداف سيحاسبنا إن لم نحققها، لا أحد يعيش حياته دون إنجازات طالما إنه لم يمت بعد، فالموت هو الشيء الوحيد الذي يوقفنا عن فعل كل ذلك، فمهما كان الشيء بسيط والذي ربما لم تنتبه أنك فعلته أو مررت به ففي الغالب هو إنجاز بالنسبة للآخرين وبالنسبة لك إن دققت النظر في ماضيك وتذكرته.

إنجازاتك ليست على الورق، مادمت لا تعيش داخل رواية…