الجمعية: بنك الشعب المجهول

الجمعية: بنك الشعب المجهول


من أغرب الأشياء التي ستصادفها في بلدنا هو نظام الجمعية. وهي أشبه لبنك مصغر بدون فوائد أو جمعية من تلك الموجودة في القرى والأماكن الشعبية، لا أجد وصفاً دقيقاً يشابهها..

هى: مجموعة أشخاص يقوموا بتكوين شبكة مالية -لا علاقة لها بالتسويق الشبكي- يتفقون على تجميع مبلغ معين كل مدة محددة -والأغلب شهري- ويتم تسليم كل الأموال المجمعة إلى شخص واحد -المسؤول عن الجمع- ليقوم بتسليمها لشخص آخر جاء الدور عليه في استلام المبلغ ليأخذه لنفسه وتعاد الكرة هكذا في نفس المدة..


مثلاً: الجمعية -الشبكة- مكونة من 50 شخصاً سيدفع كل فرد منهم 100 جنيه كل شهر لشخص معين -مسؤول التجميع- ويصبح إجمالي المدفوع 5000 جنيه يستلمهم فرد (رقم 1)، والشهر الثاني يستلمهم فرد (رقم 2)..إلخ حتى آخر شهر يستلم فرد (رقم 50) المبلغ وتنتهي الجمعية هنا.

أود أن أوضح أن الجمعية لا يوجد حد أدنى أو أعلى لها، قد تجد الأطفال في المدارس يشتركون في جمعية فيما بينهم مقابل 5 جنيهات في الأسبوع، وقد تجد الموظفين يشتركون في جمعية فيما بينهم مقابل نصف مليون جنيه في الشهر (حسب المبلغ المتفق على دفعة وعدد المشتركين والمدة)
لذا هي بديل للقروض الربحية من البنوك، فهناك من يحتاج 100 الف جنيه بعد شهرين ولن يستطيع الحصول على المبلغ في نفس المدة، وهناك شخص آخر يحتاج نفس المبلغ بعد 5 أشهر.. وهناك من يريد المحافظة على أمواله من نفسه أو يدخل كدعم ولا يحتاجها في الأساس إلا بعد انتهاء الجمعية لذا سيكون في المرتبة الأخيرة.

فهي عبارة عن نظام إلزامي؛ لن تستطيع الدخول به في حال عدم استطاعتك الدفع خلال المدة المحددة، وإن حدث خلل لدى أحدهم أما أن يدفع الآخر بدلاً منه أو يحل محله أو أي شىء لعدم الإخلال بذلك النظام، فمن المستحيل أن يستلم شخص دفعته ويتوقف عن الدفع وهو لم يكمل ما أخذه من باقي المجموعة.

والمال هنا ليس ثابت في يد المسؤول عن جمعه، أي أنه لن يستطيع التصرف به أو التربح منه، وعليهم اختيار شخص ثقة لذلك المنصب وإلا ستظهر العديد من المشاكل كالتكاسل في الجمع، أو عدم حفاظه على النظام وجلب الحقوق أثناء إخلال أحد أفراد النظام، أو حتى سرقة المبلغ والهروب به، خاصة مع عدم وجود ضمانات أو توسع النظام ليشمل أشخاص مجهولين أو غير معروفين من باقي النظام.