حلاق في الزقاق

حلاق في الزقاق
 

منذ قليل صادفني الحلاق الذي كنت أذهب لديه، صادفته في إضاءة منخفضة وهو يقبل نحوي مبتسماً ويصيح موحمااااد لم أكن لألقى له بالاً لولا أن مد إلي يده وقتها عرفت أنه يقصدني أنا دون غيري..

سألني عن إن كنت أتذكره أم لا، حاولت النفي.. حتى ألح علي بسؤاله، فقلت له مـح.. سألني عن أين يعمل وماذا يعمل، جاوبته بالنفي مرة أخرى، حتى ذكر لي كل ما يعرفه عني في محاولة أن أتذكره بداية بأين يعمل وماذا يعمل ونهاية بأين كنت ومع من..حتى كاد يغلب وسائل التواصل الإجتماعي في جمع بياناتنا، أخبرته بأني لا أفهم كلامه في كل لحظة صمت له، حتى أنهيت معه الحوار بأعجوبة وشكرته.. على اللاشئ.

صراحة أنا لا أريد إستعادة معرفتي به، نفس الشخص الذي كاد يطربني بشوقه، هو هو الذي في كل مرة يحاول افتعال مشكلة وإن لم أشكوه شكاني، كثير الحديث والشكوى، يحاول دائماً معرفة كل شئ وإن أخبرته أني لا أفهم لغته تحدث عني -بها- لأصدقائه المجاورين بسخريته اللاذعة، وفي نهاية كل لقاء دائماً ما يطلب المزيد والمزيد من المال، رغم وجود تسعيرة مسبقة وعدم وجود أي جديد في طلبي..

مللت منه حتى حانت الفرصة وزرت بلدي وعدت مرة أخرى منها وكأني نسيته، وصراحة لم أنساه بل تناسيته وذهبت عند حلاق آخر كل حديثنا تمحور حول صورة أريته إياها لشعري عند حلاق آخر، وسؤال قبل المغادرة عن بلدي لأني أوضحت له أني لا أفهم لغته هو الآخر..واتفقت معه على المبلغ مسبقاً رغم زيادته عن التسعيرة المعلنة، إلا أني كنت في غاية الراحة النفسية والهدوء..

أكاد أزعم أن الحلاقين هم أول جامعي البيانات في العالم، سابقين بذلك المخبرين ومواقع السوشيال ميديا، لدى كل واحد منهم ثروة معلوماتية وبيانات ضخمة عن عملائهم والقطاع الخاص بهم تكاد تفوق معلوماتهم عن أنفسهم، ربما لا يكونوا بشر من الأساس فلديهم أجهزة عديدة لا يمتلكها عامة البشر، مثل كرسي الكشف عن الكذب واستشوار التنويم المغناطيسي وكلام معسول وأوامر بالحديث تغلب وسواسك القهري، وعين خارقة ستأتي بك أينما ذهبت عند فضائـ حلاق آخر.