ملخص كتاب تاريخ الحضارة الإسلامية - الفصل الرابع
ملخص كتاب تاريخ الحضارة الإسلامية
الفصل الرابع(النظم القضائية)
أولاً: القضاء:
• تعريفه:
- القضاء في اللغة: قضى الشئ يقضي قضاء، وقضى بين الخصمين، وقضي عليه، وقضي له.- عند ابن خلدون: القضاء من الوظائف الداخلية تحت الخلافة؛ لأنه منصب الفصل بين الناس في الخصومات حسماً للتداعي، وقطعاً للتنازع، إلا أنه بالأحكام الشرعية المتلقاة من الكتاب والسنة.
• القضاء في عهد الرسول ﷺ:
- عندما جاء الإسلام كان النبي محمد يتولى وحده الفصل في الخصومات بين المسلمين، واعتُبر حكمه ملزماً.- يعتبر الرسول أول قاضٍ في الإسلام يحكم بين الناس بما ينزل عليه من الوحي ويجتهد في بعض الأحيان.
- كانت طرق الإثبات عنده البينة واليمين وشهادة الشهود؛ لقوله (البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر).
- لما انتشرت الدعوة الإسلامية أذن الرسول لبعض الصحابة بالقضاء بين الناس بالكتاب والسنة والاجتهاد.
- عندما بعث (علي بن أبي طالب) إلى اليمن للقضاء أوصاه بألا يقضي بين الخصمين حتى يسمع منهما.
- كما بعث (معاذ بن جبل) قاضياً إلى اليمن، كما قضى في عهده (أبو بكر وعمرو وابن مسعود والأشعري).
• القضاء في عهد الخلفاء الراشدين:
- في عهد أبو بكر أسند القضاء إلى (عمر بن الخطاب) لكنه لم يلقب بلقب قاضٍ مدة خلافة أبي بكر.- في عهد عمر: أول من ولى قضاة مستقلين في الولايات الإسلامية؛ فولى: (أبا الدرداء) معه قضاء المدينة، و(شريحاً) قضاء الكوفة، و(أبا موسى الأشعري) قضاء البصرة، و(قيس بن أبي العاص) قضاء مصر.
وسن للقضاة دستوراً يسيرون على هديه في أحكامهم (يعد إلى وقتنا هذا من أسس القضاء وأهم نظمه).
- كان القضاء في زمن الخلفاء مستقل، وكان يراعي في اختيار القضاة العدالة والمساواة والعلم والتقوى والعفة.
- لم يكن للقاضي سجل تدون فيه الأحكام، وقلما كان المتقاضون يحتاجون للتنفيذ لأنهم كانوا للاستفتاء أقرب.
- كان القاضي يجلس للحكم في منزله، ثم أصبح يعقد جلساته في المسجد بعد ذلك.
- أول من بنى السجن في الإسلام هو (علي بن أبي طالب).
• القضاء في العصر الأموي:
- امتنع بني أمية عن مباشرته - لانشغالهم بالفتوحات - وأسندوه أهل عصبيتهم (أول من فعل ذلك هو معاوية).- كان القضاة ذوي كلمة نافذة على الولاة وعمال الخراج، ولم يتأثر تعيينهم أو عزلهم بتعاقب الخلفاء والولاة.
- كان القضاة مضرب المثل في النزاهة والتجرد عن الهوى والبعد عن التأثر بذوي الجاه والتنكر بالمصالح.
- استنبط القضاة أحكامهم من الكتابة والسنة والإجماع، بالإضافة إلى اجتهادهم الشخصي.
- روى الطبري أن الخليفة (هشام بن عبدالملك) جمع الشرطة والأحداث مع القضاء إلى (بلال بن أبي بردة).
• القضاء في العصر العباسي:
(أ) أهم مظاهر تطور القضاء في العصر العباسي [هيمنة القضاء على مهام الدولة]:1- ضعف روح الاجتهاد في الأحكام: بسبب ظهور المذاهب الأربعة التي أصبح على القاضي الحكم بأحدها كالآتي: (العراق: بمذهب أبي حنيفة) و(مصر: بمذهب الشافعي) و(الشام والمغرب: بمذهب مالك).
2- تأثر القضاء بالسياسة: عمل الخلفاء على استمالة القضاة للسير وفق سياستهم (مما أدى لامتناع البعض).
3- استحداث نظام قاضي القضاة (يشبه وزير العدل): كان يقيم في حاضرة الدولة وينيب عنه قضاة للأمصار. وأول من لقب بهذا اللقب هو القاضي (أبو يوسف) صاحب أبي حنيفة في عصر الخليفة الرشيد الذي دعاه به.
4- اتساع سلطة القاضي: أضيف إليه استيفاء بعض الحقوق العامة للمسلمين (كالنظر في أموال اليتامى).
(ب) شروط القاضي
1- الذكورة والبلوغ.
2- العقل والعدالة والحرية والعلم بالأحكام الشرعية.
3- الإسلام: إذ لا يجوز تولية غير المسلمين للقضاء بين المسلمين.
4- سلامة الحواس: ليسأل الخصوم ويسمع أقوالهم.
5- الشرف والأمانة والفقه.
(ج) اختصاصات القاضي
1- الفصل في المنازعات، وقطع والخصومات.
2- استيفاء الحقوق.
3- ثبوت الولاية على من كان ممنوع من التصرف.
4- النظر في الأوقاف بحفظ أصولها.
5- تنفيذ الوصايا على شروط الموصي.
6- تزويج الأيامى بالأكفاء.
7- إقامة الحدود على مستحقيها.
8- الكف عن التعدي على الطرقات.
9- تصفح شهوده.
10- التسوية في الحكم بين القوي والضعيف.
(د) أعوان القاضي
1- الشهود: للإدلاء بشهادتهم في القضية.
2- الترجمان: عند مقاضاة الأعاجم.
3- الشرطي: لتنظيم المجلس القضائي.
4- كاتب القاضي.
5- حاجب القاضي.
• النظر في المظالم:
- تختص في النظر في دعاوي الناس المرفوعة للخليفة أو الوالي ليرفع عنهم الظلم الذي حل بهم من الموظفين.- ناظر المظالم: ينظر في كل حكم يعجز عنه القاضي (له سلطة يقمع بها من لم يستمع إلى قضائه ولا ينفذه).
- ولاية النظر عند ابن خلدون: وظيفة ممتزجة من سطوة السلطنة ونَصف القضاء، وتحتاج إلى علو يد، وعظيم رهبة، وتقسم المظالم إلى قسمين (ظلم الولاة والجباة والموظفين، وظلم الأفراد للرعية).
- كان الرسول ﷺ أول من نظر في المظالم، وراعى الأمة بقلبه وعينيه ويديه، وحفظ الحقوق لأربابها.
- في العصر الأموي: أنشأ عبدالملك بن مروان ديوان خاص للمظالم وكان يرد المظالم (لأبي إدريس الأزدي).
- الخليفة (عمر بن عبدالعزيز) أول من ندب نفسه للمظالم فردها، وبدأ بنفسه، ورد مظالم بني أمية على أهلها.
- في العصر العباسي: اهتم الخلفاء بالنظر في المظالم، فنظر فيها الخليفة (المهدي والهادي والرشيد والمأمون).
- في خلافة (المكتفي بالله) العباسي أمر برد المظالم على أهلها، وهدم المطامير التي أتخذت لعذاب الناس.
- كان صاحب المظالم يحاط بخمس جماعات لا يستغنى عنهم، ولا ينتظم نظره إلا بهم؛ وهم: (الحماة والأعوان ، القضاة والحكام ، الفقهاء ، الكتاب ، الشهود).
- صلاحيات قاضي ديوان المظالم:
1- النظر في الشكاوي التي يرفعها الرعية ضد الولاة والحكام وكتاب الدواوين وجباة الضرائب.
2- تنفيذ ما وقف من أحكام القضاة.
3- النظر في تظلم الجند وبخاصة المرتزقة منهم إذا نقصت أرزاقهم.
ثانياً: الحسبة:
• تعريفها:
أمر بالمعروف إذا ظهر تركه، ونهي عن المنكر إذا ظهر فعله (كانت نفلاً على كل أفراد الأمة).
• نشأتها:
- نشأت في عهد الرسول ﷺ وتولاها بنفسه، وابتعها الخلفاء من بعده، ثم صارت ولاية من ولايات الإسلام.- كان الخليفة عمر بن الخطاب يشرف على أسواق المدينة، وولى الصحابية (الشفاء بنت عبدالله العدوية) على سوق المدينة، كما تولته السيدة (سمراء بنت نهيك الأسدية) للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
- كان الخليفة علي بن أبي طالب يمر بالأسواق ينهي عن الغش، ويوصي أصحاب السلع بأخذ الحق وإعطائه.
- في العصر الأموي استمر إشراف الدولة على الأسواق ، وأطلق في هذا العهد على الموظف الذي يشرف على الأسواق اسم (العامل في السوق) وانحصرت وظيفته في مراقبة الأوزان والمكاييل.
- في العصر العباسي: عين (المنصور) المنصور على بغداد محتسباً، وهو (المنصور أبو زكريا بن عبدالله).
• الشروط الواجب توافرها في المحتسب
1- أن يعمل بما يعلم، ولا يكون قوله مخالفاً لفعله.2- أن يقصد بقوله وفعله وجه الله تعالى ومرضاته.
3- أن يكون مواظب على سنن الرسول.
4- أن يكون من خصاله الرفق واللين والأخلاق.
5- يشترط في المحتسب أن يكون مؤمناً.
6- أن يكون مكلفاً من أولي الأمر.
7- قادر على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
8- ذو رأي وصرامة، عارفاً بالمعايش والمهن.
9- أن يكون عفيفاً عن أموال الناس، ممتنعاً عن قبول الهدية من أرباب الحرف.
• أعمال ووظائف المحتسب
1- مراقبة الأسواق: الإشراف على الموازين والمكاييل والأسعار.2- مراقبة الآداب العامة: في الطرقات والأماكن.
3- مراقبة العبادات: كصلاة الجمعة والأعياد والصوم والزكاة.
4- مراقبة أرباب الحرف وأصحاب المهن المختلفة.
5- مراقبة الأبنية والطرق: لعدم التعدي على الطرقات.
6- القضاء في بعض الدعاوي: كالبخس والغش.
7- أعمال مختلفة أخرى: كإجبار السادة على حسن معاملة العبيد والإماء.
• تعيين والي الحسبة:
- كان يعينه الخليفة أو الوزير أو القاضي؛ للنظر في شئون الرعية ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر.- كان الخليفة يستدعيه إلى القصر ليمنحه بنفسه (كتاب التولية) ويخرج من القصر للجامعين (جامع عمرو بن العاص، وجامع الأزهر) في موكب ضخم ليطوف بالحارات وبين يديه خلع الخليفة (بدأ منذ العصر الفاطمي).
- كان زيه لا يختلف عن زي الفقهاء والقضاة (العمامة الواسعة - والخفاف والأحذية من الأديم الطائي).
• دار الحسبة:
- يقيم فيها المحتسب، يصرف فيها أمور وظيفته، ويدعو بها الباعة لإحضار موازينهم للتأكد لمنع الغش.- كان مجلس الحسبة يُعقد أحياناً في المسجد، ويستعين المحتسب بعدد من الرجال يسمون (الأعوان) يجب أن تتوفر فيهم شروط كالنزاهة والأمانة والعفة، ويمكن له أن يستعين برجال الشرطة.
• عقوبات المحتسب:
- كانت تشتمل على إتلاف البضائع الفاسدة، وإراقة آنية الخمور، و وقف التاجر الغشاش والتشهير به.ثالثاً الشرطة:
• تعريفها:
يقصد بها الجند المكلفون بحفظ النظام وإقرار الأمن الداخلي في البلاد ليل نهار.
• نشأتها:
- اختلفت الآراء حول نشأتها، فيقال لأنها اشتقت من (نظام العسس: أي الطواف بالليل لتتبع أهل الريب).- أول من عس بالليل هو (عبدالله بن مسعود) في عهد الخليفة أبي بكر الصديق. بينما يؤكد كل من (ابن الأسير والسيوطي) أن أول هو الخليفة عمر بن الخطاب ومعه مولاه (أسلم) وأحياناً يصطحب (عبدالرحمن بن عوف).
- يشير (اليعقوبي) إلى أن الشرطة نظمت في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، وعين عليها (عبدالله بن عباس). بينما يرى البعض أن أول من شرط شرطة هو (عمرو بن العاص: والي مصر في عهد عمر بن الخطاب).
- في عهد علي بن أبي طالب نظمت الشرطة، وأطلق على رئيسها (صاحب الشرطة) ويختار من علية القوم.
- في العهد الأموي: ازدادت أهميتها والعناية بها، كان صاحبها من علية القوم وأطلق عليه (صاحب الأحداث). وانقسمت شرطتهم بالأندلس إلى نوعين (شرطة كبرى: لأحكام الخاصة) (شرطة صغرى: لأحكام العامة).
- في العصر العباسي: ازدادت سلطتها بعد انفصالها عن القضاء، وأصبح لصاحبها الحق في نظر الجرائم وإيقاع العقوبات، وكان مرتب رئيس شرط بغداد يعادل مرتب الحاكم أو الوالي، وشغل هذا المنصب في عهد الخليفة المأمون (طاهر بن الحسين).
- في عصر الولاة بمصر: كان صاحب الشرطة يقيم في الفسطاط بمثابة نائب الوالي في حكم البلاد وينوب عنهم، ويساهم في تحصيل الجزية والخراج، والإشراف على الأحباس، وتنظيم مرتبات الجند.
- عندما أسس (صالح بن علي) مدينة العسكر في سنة (132هـ) أنشئت فيها دار أخرى للشرطة أطلق عليها (دار الشرطة العليا) وفي الفسطاط (دار الشرطة السفلى).
- في العصر الفاطمي: نقل القائد (جوهر الصقلي) الشرطة العليا من العسكر إلى القاهرة.
- في عصر المماليك: أنتفت وظيفة صاحب الشرطة وأسندت مهامها لموظف سمي بالوالي أو صاحب العسس.
• اختصاصات الشرطة:
1- حفظ النظام والأمن.2- مراقبة المقاهي وأماكن الشرب واللعب.
3- تنفيذ أوامر السلطان.
4- مساعدة القضاة وعمال الخراج والمحتسب.
5- فرض العقوبات عند ثبوت الجرائم.
6- يقيم الحدود الثابتة في مجالها
7- يحكم في القود والقصاص.
8- يقيم التعزيز في حق من لم ينته عن الجرائم.

إرسال تعليق