ملخص كتاب تاريخ الحضارة الإسلامية - الفصل الأول

ملخص نظريات الحضارة وموقع الحضارة العربية الإسلامية وخصوصيتها ومواردها

ملخص كتاب تاريخ الحضارة الإسلامية

الفصل الأول
(نظريات الحضارة وموقع الحضارة العربية الإسلامية وخصوصيتها ومواردها)


بعض النظريات التي تفسر نشوء الحضارات المختلفة:

(أ) نظرية البيئة [بيئة مناسبة+إنسان=حضارة]:
تؤكد على الدور الأساسي لعامل البيئة في نشأة الحضارة، وترجع تنوع الثقافات المختلفة إلى التأثر بمختلف العوامل البيئية التي تتعرض لها. (أيَّد هذه النظرية أوساط المفكرين اليونان والمسلمين مثل ابن خلدون).
• النقد الموجه للنظرية: إنها تُعظم دور البيئة لتكون السبب الرئيسي للحضارة، واعتُرِض على ذلك بالآتي:
1- أن البيئة لو كانت المسبب الرئيسي للحضارة للزم أن تكون في كل بيئتين متشابهتين حضارتان متشابهتان.
2- أن الأماكن ذات البيئة الجيدة تمر بقرون طويلة دون وجود حضارة مزدهرة رغم توفر مجموعات بشرية.
3- استطاع الإنسان في بعض الأماكن ذات البيئة الصعبة إنشاء حضارة بصورة معينة (كالجزيرة العربية).
4- أغلب الحضارات التي أنشأها البشر لم تدم،بل استمرت لفترات زمنية وتغيرت للتخلف دون تغير الظروف.
• من خلال ما سبق يخلص المنتقدون إلى أن البيئة ليست السبب الرئيسي في وجود الحضارة، بل هي أحد الأسباب والعوامل المساعدة على وجودها.

(ب) نظرية الجنس أو العرق [الجنس المميز هو سر الحضارة]:
تضع السلالة النوردية في قمة الهرم البشري، تقوم على اعتبار أن تلك الصفات الموروثة أو المشتركة رابطة ما يسمى بالجنس أو العرق. (تأثر بهذه النظرية الأوربيون واليابانيون والأمريكيون وغيرهم).
• النقد الموجه للنظرية: تعتبر هذه النظرية واهية وضعيفة للأسباب التالية:
1- أن الحضارة الإنسانية نشأت على يد البشر بجميع أجناسهم المختلفة.
2- أن فكرة وجود جنس معين نقي أمر متعذر ولا دليل عليه.

(ج) نظرية الأجيال المتعاقبة والدورات التاريخية:
توجه أصحاب هذه النظرية إلى الربط المباشر بين ما يتميز به الإنسان من مراحل متلاحقة (تبدأ بالضعف ثم الشباب ثم الضعف والسقوط)، ويعتبر (ابن خلدون) من كبار منتجي تلك النظرية ومتبنيها وأشار إلى أن عمر الدولة لا يتعدى في الغالب ثلاثة أجيال قسمها على النحو التالي:
1- الجيل الأول (جيل البداوة): تكثر فيه الخشونة والبسالة والمجد والعصبية والحروب من أجل إنشاء الدولة.
2- الجيل الثاني: يتحول حالهم من البداوة للحضارة والترف، وينفرد أحدهم بالحكم والمجد ويخضع الناس.
3- الجيل الثالث: معاصري الترف الذين لم يشهدوا البداوة والعصبية، ويعجزون عن مجابهة العدو لضعفهم.
• ساير من أتوا بعد ابن خلدون في الغرب تلك النظرية، حيث ذهب الفيلسوف الألماني "اشبنجلر" إلى أن حضارات الدول تشبه الكائنات الحية في أنها (تمر بمرحلة الولادة والطفولة، ثم تنتقل إلى مرحلة الشباب والنضج، ثم مرحلة الهرم والشيخوخة التي تؤدي للسقوط بعد أن تستنفذ عطاءها وإمكانياتها الداخلية).
• أما الفيلسوف الإيطالي "فيكو" فقد كان له نفس التوجه، واعتبر أن الحضارات تمر بأطوار مختلفة كالتالي:
1- دور عصر الآلهة (الضعف): التسليم المطلق بأن الآلهة هي المتصرفة، وأن الإنسان لا حول له ولا قوة.
2- دور الفردية والبطولة (الشباب): يظهر دور الأبطال كشخصيات محركة ومكونة للحضارة.
3- دور الحقيقة (مبلغ النضج الحضاري): يخضع الجميع للمساواة والقوانين.
4- دور الانتكاس الحضاري: فيه تزول الحضارة وتنهار مقوماتها، وتعود للتخلف حتى تأتي حضارة أخرى.
• النقد الموجه للنظرية: تفشل النظرية في تفسير نشأة حضارات وزوال أخرى.

(د) نظرية التحدي والاستجابة [تحدي+استجابة سليمة=حضارة]:
تنسب هذه النظرية في الأصل إلى المؤرخ البريطاني المعاصر "أرنولد توينبي" حيث:
1- عالج من خلالها موضوع الحضارة وكيفية نشوئها.
2- رفض أن تكون البيئة أو العنصر هما السبب المولد للحضارة.
3- قال أنها ناتجة عن عامل نفسي متعلق بالإنسان.
4- وأن الحضارة وجدت نتيجة لاستجابة الإنسان للظروف الصعبة والتحديات المختلفة التي واجهها.
5- أشار إلى أن الاستجابات البشرية السليمة للتحديات التي تواجهها هي التي طورت حياة البشرية.

(هـ) النظرية المادية:
• بناها كارل ماركس - مؤسس النظرية - على فلسفة هيجل الجدلية، وترى نظريته أن الوجود مادة متطورة تطوراً ذاتياً، وترى أن التفاسير السابقة عاجزة عن فهم التطور البشري، وتشير إلى أن الحضارة البشرية تتولد عن حدوث تغيرات في البنية التحتية، حيث تقسم المجتمع إلى بنيتين:
1- البنية الفوقية: الدين، الفكر، الأخلاق، القوانين. 2- البنية التحتية: قوة الإنتاج ووسائله، المصانع، الأسواق.
• وترى أن التغير إذا حصل في البنية التحتية تفاعل وانعكس على البنية الفوقية. وهذه التغيرات هي الموجدة للحضارة، لذلك يكون النشاط الاقتصادي هو المشكل للمجتمع والمحدد لمساره.
• ويرى أصحاب هذه النظرية أن البشرية مرت بخمس مراحل تصاعدية من الأدنى للأفضل حتمية:
1- مرحلة المشاعية البدائية (الجميع يتشاطر كل شئ).
2- مرحلة الرق: (امتلاك البشر للبشر).
3- مرحلة الإقطاع (انقسام المجتمع لملاك أرض وعبيد بها).
4- مرحلة الرأسمالية (انقسام المجتمع لأصحاب رؤوس أموال وعاملين لديهم).
5- الشيوعية الأخيرة (إنتهاء الصراع وزوال الملكية).
• النقد الموجه للنظرية: رفض الباحثون أن تكون وسائل الإنتاج أو البنية التحتية هي مصدر إنشاء الحضارة. كما رفضوا الصيرورة التاريخية التي توجب على التاريخ البشري أن يسير في هذا المسار التصاعدي الجبري.



الحضارة ومعناها:

• الحضارة لغةَ: من الحضر والحضرة والحاضرة، وقيل إنها سميت بذلك لأن أهلها حضروا من الأمصار.
• الحضارة اصطلاحاً: مجموعة من المفاهيم الموجودة عند مجموعة من البشر.
• مفهوم الحضارة: مجموعة من العقائد والقيم والمبادئ، وغالبية النشاط البشري في مختلف مجالات الأنشطة البشرية، وما يتولد عن تلك النشاطات.


ابن خلدون ومفهوم الحضارة:

1- يعد ابن خلدون من أوائل من استخدموا مصطلح الحضارة بمعناه المفهوم.
2- قال بأن البدواة أصل الحضارة، والبدو أقدم من الحضر.
3- ربط الحضارة بالملك والسيادة والاستقرار حتى تستطيع النمو والازدهار.
4- الحضارة عنده لا تصور إلا الجانب المترف للنشاط البشري، ولا يدخل بها النشاط الديني والخلقي والعقلي.


في معنى الحضارة: 

يرى الباحثون أن للحضارة معنيين:
• الأول (معنى موضوعي): وهو جملة مظاهر التقدم الأدبي والفني والعلمي والتقني التي تنتقل من جيل إلى جيل في مجتمع واحد أو عدة مجتمعات متشابهة.
• الثاني (معنى ذاتي مجرد): تعني الحضارة مرحلة سامية من مراحل التطور الإنساني. وهذا المعنى يؤكد على مجموعة من المظاهر الفكرية التي تسود أي مجتمع من المجتمعات، وعلى تأكيد الأصالة الروحية.



خصائص الحضارة العربية الإسلامية:

1- العالمية والحيوية: ضمت العديد من الحضارات والثقافات والأمم تحت لوائها.
2- المرونة والشمول والتطور: لم يقتصر الإسلام على أمة دون غيرها أو لإناس معينين، كما أعطى حضارته ميزة الشمول والتطور لتصلح لكل زمان ومكان، وتسع جميع التطورات في الجوانب المادية والروحية.
3- الإيمان والولاء للإسلام وعقيدته: تؤمن هذه الحضارة بالله ورسله جميعاً وكل كتبه ودياناته.
4- نزعة التسامح والإنسانية: نظر الإسلام إلى بقية الأمم والأفراد نظرة تسامح ولم يبخسهم حقهم.
5- النزعة السلمية: تعايشت الحضارة السلمية مع كافة الأديان، سواء السماوية منها أو غير السماوية.



أصول وموارد الحضارة الإسلامية:

(أ) النص القرآني: يعتمد عليه كمرتكز أساسي للتشريع والقول الفصل في الكثير من القضايا.
(ب) السنة النبوية: المورد الثاني للشريعة بعد القرآن الكريم
(ج) اللغة العربية: سهلت التواصل الفكري للإسلام ببقية الأمم والحضارات الأخرى.
(د) البيئة والحضارة العربية قبل الإسلام: كان لها الأثر البارز في صفة العرب الحضارية من حيث مقوماتها.
(هـ) الشعوب المفتوحة: أسهمت بتراثها الحضاري وخصائصها التقليدية في تشكيل الحضارة الإسلامية.
(و) التأثيرات الأجنبية:

الحضارة

ما أخذته الحضارة الإسلامية منها أو تأثرت به

التأثيرات الفارسية

- ترجموا العديد من اللغة الفهلوية كـ(الأدب الفارسي "أول الكتب التي ترجمت للعربية"، والفنون والعمارة، والطب والصيدلة والتشريح) للعربية.
- نبغوا في العلوم العلوم العربية والإسلامية كـ(الحسن البصري، ابن سيرين، البخاري) في الحديث. و(الإمامان أبو حنيفة والليث بن سعد) في الفقه. و(عبدالحميد الكاتب، وابن المقفع) في الكتابة. و(بشار بن برد، وأبو نواس) في الشعر.

تأثيرات إغريقية أو هيلينية

دخلت الحضارة الإسلامية عن طريق بعض مراكز الحضارة الإغريقية مثل مدينة (الرها: المركز الرئيسي لأهل الشام المسيحيين)، وكذلك (حران: مركز للوثنيين الصابئة من السريان، الذين حرصوا على نقل الكتب الإغريقية للغة السريانية قبل الإسلام).

خليط من الثقافتين الهندية والصينية:

مثل الأرقام (التي يقال إن العرب نقلوها عن الهنود).
وصناعة الورق (التي يُزعَم أن العرب تعلموها من الصينيين).

تأثيرات بيزنطية

- علم الروم المسلمين (النظام الخماسي: وهو ميمنة- ميسرة- أمام-خلف- قلب).
- تم التعامل بالعملة البيزنطية (دينار ذهبي) لمدة 77 عام مع الدرهم الفارسي (من الفضة) حتى تم تعريبه في عهد "عبدالملك بن مروان"، وبعدها تم سك أول عملة عربية، ثم تم تعريب الدواوين عام 76هـ.
- تأثر المسلمين بفنون العمارة البيزنطية، وتتلمذوا على أيدي أرباب الحرف والفنانين من الشوام والأقباط.